ما تأثيرُ العدوان الإسرائيلي على القدرات العسكرية الإيرانية؟

تقارير وأحبار خاصة | إبراهيم الديلمي- المسيرة نت: مع استمرارُ عدوان كيان العدوّ الإسرائيلي المباشر والمكثّـف على إيران لليوم الـ6 على التوالي، والتصاعد غير مسبوق في العمليات عبر الجبهات الإقليمية، شكّل تحولًا جذريًّا من "حرب الظل" إلى مواجهة العلنية، والهدف المُعلن منها إسرائيليًّا هو شل القدرات العسكرية الإيرانية ومنعها من تهديد أمن الكيان الغاصب.

وبدأ العدوّ الإسرائيلي عدوانه المباشر على إيران في 13 يونيو 2025، حين اتخذت الحكومة المصغّرة لكيان العدوّ "بحسب القناة الـ 13 العبرية قرارًا بتوسيع الهجمات لتشمل "القلب الإيراني"، في خطوة غير مسبوقة منذ عدوان الكيان الوحشي على قطاع غزة والذي ما زال مُستمرّا إلى يومنا هذا.

وركَّز كَيانُ العدوّ في تنفيذ عدوانه على مسارَينِ:

الأول: مسار الغارات الجوية التي قام عن طريقها باستهداف المنشآت النووية واغتيال الشخصيات العسكرية والنووية المؤثرة، وضرب مواقع تصنيع المسيرات والصواريخ وتموضع منصات الإطلاق.

الثاني: تنفيذ عمليات داخل إيران باستخدام عملائه الموجودين هناك، مع تركيز واضح على شل قدرات القيادة والسيطرة، استنزاف منشآت الوقود والرادارات، توسيع نطاق الحرب السيبرانية.

ورغم التفوق التكنولوجي والعسكري للكيان إلا أن القدرات الإيرانية لم تنهَر، بل على العكس واصلت الدفاع بفعالية، وكان ردها كبيرًا خَلَقَ معادلة ردع جديدة أصبحت جزءًا من حرب استنزاف استراتيجية طويلة سيكون في استمرارها عواقب وخيمة على كيان العدو.

وعلى ضوء الوقائع الميدانية وتصريحات الخبراء، فإن النتيجة تبدو مختلفة كثيرًا عما تروج له الآلة الإعلامية سواء الإسرائيلية أو الغربية.

ثانيًا: تقييم الأثر الميداني – ماذا حدث للقدرات العسكرية؟

1. القدرات الصاروخية: 

رغم استهداف مخازن ومراكز إطلاق الصواريخ، أكد الجنرال الأميركي المتقاعد مارك هيرتلينغ لقناة (CNN) الأمريكية أن: "إيران لا تزال تملك ترسانة كبيرة من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، وأغلب بنيتها التي تحت الأرض لم تُكتشف بعد".

وهذا بالضبط ما أكدته معطيات الواقع سيما يوم أمس الثلاثاء عندما وجهت فيه طهران ضربة صاروخية نجحت من خلالها في شل قدرة منظومات الدفاع الإسرائيلية بطبقاتها الأربع على التصدي لصواريخها ما جعل أجواء الأراضي المحتلة تحت السيطرة الإيرانية الكاملة.

2.  الطائرات المسيّرة:

رغم استهداف العدوان الإسرائيلي لمصانع الطائرات المسيّرة في عدة مناطق إيرانية منها يزد وكرمان، إلا أن ما يبدو نظرًا إلى معطيات الواقع، أن هذا الاستهداف قد فشل تمامًا في شل قدرة سلاح الطيران المسير الإيراني على شن هجمات على عمق كيان العدو، إذ أن الطائرات المسيرة الإيرانية مازالت تحلق بكثافة في أجواء الأراضي المحتلة ويتم استخدامها عادة قبل أي هجوم صاروخي إيراني بهدف اختراق واستنزاف منظومات الدفاع الإسرائيلية. 

"معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" (WINEP) قال في تقرير له بتاريخ 15 يونيو: "تأثرت منشآت التصنيع لكن طهران كانت قد أنشأت شبكة لامركزية لإنتاج المسيّرات في الداخل وفي الخارج".

الاستنتاج: أن قدرات المسيّرات إن كانت قد تضررت جزئيًا، لكنها لا تزال تعمل وتُستخدم بنجاح.

3.  البرنامج النووي:

لم تُسجل حتى الآن أي ضربة صهيونية مباشرة على منشأت إيران النووية، ما عدا ضربات غير مؤثرة استهدفت منشآة "نطنز" وأحدثت بها أضرارًا طفيفة بحسب ما أورده الإعلام الإيراني. أما بالنسبة لمنشأة "فوردو" فقد عجز كيان العدو عن استهدافها نظرًا لوجودها تحت الجبال.

الخبير النووي جيفري لويس (Middlebury Institute) صرّح في قناة NBC: "ما لم يتم استهداف المنشآت تحت الأرض، فلا يمكن الحديث عن تقويض جدي للبرنامج النووي الإيراني".

الاستنتاج: البرنامج النووي الإيراني لم يُمسّ فعليًا.

4.  القيادة والسيطرة:

رغم استهداف مراكز اتصالات وقواعد للقيادة العسكرية، لم يتم اغتيال أي من القادة العسكريين الكبار في الحرس الثوري. حيث نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مصادر ميدانية أن "جميع وحدات الحرس الثوري تعمل بكامل جهوزيتها، واستُبدلت شبكات الاتصالات التي تعرضت للتشويش خلال أيام".

الاستنتاج: التأثير تكتيكي محدود، لا انهيار في القيادة.

ثالثًا: أثر الرد الإيراني:

أثبتت موجات الرد الصاروخي الإيراني العشر من اليوم الأول للعدوان وحتى يومنا هذا، بما أحدثته من آثار تدميرية غير مسبوقة في البنى التحتية والعسكرية لكيان العدو، أن القدرات العسكرية الإيرانية مازلت في أوج قوتها.

يقول الجنرال الأميركي فرانك ماكنزي (قائد سابق للقيادة المركزية)، في تصريح لقناة CBS في الـ 16 من يونيو: "إيران أثبتت قدرتها على امتصاص الضربات ومواصلة القتال، ما يعني أن المعركة طويلة ومعقّدة". أيضًا وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس علّق في صحيفة "معاريف" قائلًا: "لن تكون هناك ضربة واحدة تنهي قدرات إيران. إنها حرب استنزاف طويلة".

ومن كل ما سبق نستنتج أن العدوان الإسرائيلي المستمر على إيران قد فشل في تحقيق هدفه الاستراتيجي بالقضاء على القدرات العسكرية الإيرانية، رغم تسجيله نجاحات عملياتية جزئية.

فالقدرات الإيرانية، وفقًا للشواهد الميدانية وتصريحات الخبراء، ما زالت نشطة وقادرة على الرد والتطور، ما ينذر بتحوّل الصراع إلى حرب طويلة الأمد متعددة الجبهات.