التفاوض المباشر: طريق العدو الإسرائيلي لنزع سلاح المقاومة في لبنان
آخر تحديث 25-10-2025 18:23

خاص| كيان الأسدي| المسيرة نت: منذ اللحظة الأولى التي رُفع فيها شعار “التفاوض المباشر” بين لبنان وكيان العدو الإسرائيلي، كان واضحاً أن ما يُراد من وراء هذا الطرح ليس البحث عن تسوية أو تثبيت استقرار، بل فتح بوابةٍ جديدة للهيمنة عبر المسار السياسي بعدما فشلت محاولات الإخضاع العسكري والأمني.

الضغوط الأمريكية و "الإسرائيلية" المتواصلة في هذا الاتجاه ليست سوى استكمالٍ لمشروع الوصاية المفروضة على القرار اللبناني، ومحاولةٍ لاختراق الساحة الداخلية من البوابة التي يرفض حزب الله أن يُستدرج إليها "طاولة المساومة".

ومنذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته اللجنة الخماسية، أُنشئ نمط من التنسيق الأمني غير المباشر بين الحكومة اللبنانية والعدو الإسرائيلي، يُدار تحت عنوان “ضبط خطوط الاشتباك”.

هذا التنسيق، الذي بدأ محدوداً ومموهاً، سرعان ما ظهرت ملامحه على الأرض، خصوصاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث كانت بعض الغارات الجوية للعدو الإسرائيلي تسبقها إنذارات استخبارية تتبعها تحركات للجيش اللبناني نحو مواقع محددة، ثم ينفذ سلاح الجو "الإسرائيلي" ضرباته بحجة “عدم القناعة بالمعلومات اللبنانية”.

ولا يمكن اعتبار هذا النمط من السلوك صدفةً أو تنسيقاً تقنياً، بل هو اختبار عملي لمدى تجاوب الدولة اللبنانية مع الدور الذي يُراد لها أن تؤديه لاحقاً في مواجهة المقاومة، فالعدو الإسرائيلي يدرك استحالة تحقيق اختراق عسكري مباشر في بيئة حزب الله، ويسعى إلى تحويل مؤسسات الدولة اللبنانية إلى أدوات مراقبةٍ وتقييدٍ لحركة المقاومة، تمهيداً لمرحلة أخطر عنوانها “التنسيق العلني”.

من نموذج الضفة إلى نموذج لبنان

ما تفعله "إسرائيل" اليوم في لبنان ليس جديداً على تجربتها الأمنية؛ فالنموذج المطبق في الضفة الغربية منذ اتفاق أوسلو شكّل القاعدة التي تستنسخها في كل ساحةٍ تريد إخضاعها.

ففي الضفة، تحولت أجهزة السلطة الفلسطينية إلى شريكٍ أمني في ملاحقة خلايا المقاومة، وتحوّل “التنسيق الأمني” إلى سياسة رسمية.

لكن رغم كل ذلك، بقي داخل السلطة من هم أوفياء لخط المقاومة، وهو ما دفع الاحتلال إلى تجاوزهم مراراً عبر الاقتحامات المباغتة، لإدراكه أن داخل الأجهزة نفسها من يرفض الانصياع لمخططاته.

ويريد العدو أن يُسقط هذا النموذج على لبنان، مع فارقٍ في البيئة والقدرات، فهو يسعى إلى خلق بيئة لبنانية رسمية وأمنية تتعامل معه كـ“شريك ضبط” لا كعدو، لتسهيل عملية الاستطلاع والرصد، ولإنتاج شرعيةٍ سياسية تضرب جوهر معادلة الردع التي فرضتها المقاومة منذ عام 2006.

لكنّ الواقع اللبناني مختلف جذرياً، فالمؤسسة العسكرية، رغم الضغوط، لا تستطيع تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها المعادلة الثلاثية (الجيش، الشعب، المقاومة)، كما أن الوعي الشعبي في الجنوب والضاحية والبقاع يدرك أن أي اختراق أمني سيكون مقدمةً لاجتياحٍ جديد.

التفاوض المباشر.. الاسم الحركي لنزع السلاح

ما يسعى إليه نتنياهو وواشنطن من وراء التفاوض المباشر هو تحويل “الوسيط” إلى غطاءٍ شرعي لتصفية حسابٍ قديم مع المقاومة، فالوساطة الدولية، مهما كانت منحازة، ما زالت تُبقي على مسافة شكلية بين الطرفين، بينما يريد العدو الآن إسقاط تلك المسافة وفرض علاقة اتصال مباشر تتيح له التأثير في القرار اللبناني وتضييق الخناق على حزب الله سياسياً وأمنياً.

وفي حساب الكيان المؤقت، فإن التفاوض المباشر هو الطريق الأقصر إلى تحقيق ما عجزت عنه كل أشكال الضغط السابقة، ومنها، سحب سلاح المقاومة، فالاحتلال يدرك أن القوة العسكرية وحدها لم تفلح، وأن العقوبات لم تُضعف حزب الله، وأن الحملات الإعلامية لم تفكك بيئته الحاضنة، لذا، يأتي خيار “الطاولة” ليكون الأداة الناعمة للهيمنة بعد فشل أدوات النار والمال.

ويراهن نتنياهو على أن قبول بيروت بالتفاوض المباشر سيؤدي إلى شلّ حركة المقاومة، لأن أي ردّ أو اشتباك بعد ذلك سيُصوَّر على أنه “خرق لاتفاق سياسي”، ما يمنح يافا التي يطلق عليها الاحتلال تسمية [تل أبيب] ذريعة دولية لضرب الحزب عسكرياً تحت غطاء “حماية الاستقرار، وهكذا، يتحول “الاتفاق” إلى فخّ شرعي لتقييد المقاومة وجعلها أسيرة المعادلات التي يضعها العدو.

واشنطن و”البديل عن الحرب”

في الرؤية الأمريكية، لا يمكن فصل الملف اللبناني عن الصراع الأشمل في المنطقة. فالإدارة الأمريكية تعتبر أن حزب الله هو المعادل الاستراتيجي لإيران في المشرق، وأن إضعافه يعني خنق النفوذ الإيراني من المتوسط إلى بغداد.

لكن واشنطن تدرك أيضاً أن إعادة الحرب المفتوحة مع الحزب مستحيلة دون كلفة إضافية على الكيان الصهيوني، لذا، تسعى إلى هندسة بديل سياسي – اقتصادي عن الحرب، عنوانه “التفاوض المباشر” وتفكيك البيئة الداخلية للمقاومة.

وتتحرك واشنطن عبر أدوات متعددة، ومنها ضغوط اقتصادية على لبنان، وتحريك الخلافات الداخلية، والتلويح بوعود “الاستثمار والإعمار” في حال انفتاح بيروت على “السلام”.

كل ذلك في محاولة لإغراء الطبقة السياسية اللبنانية بصفقةٍ عنوانها: ارفعوا الغطاء عن المقاومة… نعطِكم شرعية دولية وحلولاً اقتصادية، لكن هذه الصيغة نفسها سقطت سابقاً في العراق وسوريا واليمن، حيث أدركت قوى المقاومة أن الوصاية الأمريكية لا تُمنح بلا ثمن، وأن ثمنها دائماً هو السيادة.

المقاومة… الثابت الوحيد في معادلة التوازن

وعلى الرغم من كل الضغوط والتحركات، تبقى المقاومة هي الثابت الاستراتيجي الوحيد الذي يبدّل في موازين القوى، فهي ليست مجرد فصيل عسكري، بل عقيدة ووعي وسيادة وطنية تشكلت عبر تضحيات طويلة، وأصبحت جزءاً من هوية لبنان الحديثة، ولذا، فإن كل مشروع يستهدف سلاحها إنما يستهدف روحها، وكل تفاوضٍ مباشر يراد منه إسقاطها سياسياً قبل إسقاطها ميدانياً.

لقد حاول العدو، منذ ما بعد 2006، اختراق بيئة المقاومة بأدوات ناعمة: المال، الإعلام، والاختراقات الأمنية.

واليوم، يحاولها من بوابة الدولة نفسها، عبر الضغط السياسي والدبلوماسي، لكن تجربة المقاومة اللبنانية علمت الجميع أن هذه الساحة لا تُخترق بسهولة، لأن جذورها أعمق من حدود الدولة نفسها؛ هي امتداد للوعي الشعبي الممتد من الجنوب إلى العراق واليمن وفلسطين.

إن ما يُراد للبنان من خلال التفاوض المباشر ليس سلاماً ولا استقراراً، بل تطويع الوعي الوطني وتفكيك البنية التي حمت البلاد من العدوان لعقود.

وحين تتحول طاولة المفاوضات إلى ساحةٍ لابتزاز المقاومة، فإن الجلوس إليها يصبح تسليماً بالوصاية، لا خطوة نحو السيادة.

لقد فشلت "إسرائيل" في كسر حزب الله عسكرياً، وفشلت واشنطن في عزله دبلوماسياً، وستفشل محاولتهما في تدجينه سياسياً، فالمقاومة التي صنعت معادلات الردع لن تفرّط بها على طاولةٍ يرسم خطوطها العدو ويصفق لها الوسيط، وهي قادرة على إعادة فرض المعادلات بحكمة وحنكة وإيمان وروية.

وفي نهاية المطاف، سيسقط مشروع التفاوض المباشر كما سقطت كل مشاريع “الشرق الأوسط الجديد”، لأن السلاح الذي حمى لبنان لا يُسلَّم، والسيادة التي دُفع ثمنها بالدم لا تُقايض بالوهم.

 

كاتب وباحث عراقي

صعدة: إصابة مهاجرين أفارقة بنيران العدو السعودي في المناطق الحدودية
صعدة | المسيرة نت: أصيب مهاجران أفريقيان، اليوم الاثنين، جراء استهداف جيش العدو السعودي للمناطق الحدودية في محافظة صعدة.
ارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان الصهيوني على غزة إلى 70112
متابعات | المسيرة نت: ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة، اليوم الاثنين، إلى 70,112 شهداء و170,986 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.
الخارجية الإيرانية: كيان العدو يواصل خرق الاتفاقات وواشنطن تهدد السلم الدولي
المسيرة نت| متابعات: أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، أن الكيان الصهيوني استمر في خرق الاتفاقات والتفاهمات المتعلقة بفلسطين ولبنان مرارًا، في ظل تصعيد متواصل لسياسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن هذا السلوك العدواني بات يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها.
الأخبار العاجلة
  • 17:02
    مصادر فلسطينية: اندلاع مواجهات مع قوات العدو المقتحمة بلدة قباطية جنوب جنين بالضفة الغربية المحتلة
  • 16:41
    مصادر سورية: قوة عسكرية للعدو الإسرائيلي تتوغل نحو بلدة كودنة وتوجهت نحو قاعدة التل الأحمر الغربي في ريف القنيطرة الأوسط
  • 16:17
    الهلال الأحمر الفلسطيني: 5 إصابات بينهما طفلان باعتداءات العدو الإسرائيلي خلال اقتحامه حي سطح مرحبا في مدينة البيرة بالضفة المحتلة
  • 15:50
    الهلال الأحمر الفلسطيني: إصابة طفلين بالرصاص المطاطي خلال المواجهات في حي سطح مرحبا بمدينة البيرة
  • 15:50
    مصادر فلسطينية: إصابة شاب بمواجهات مع العدو في البيرة بالضفة الغربية
  • 15:50
    مصادر لبنانية: مسيّرة ألقت قنبلة صوتية على الحي الشرقي في بلدة ميس الجبل جنوبي لبنان
الأكثر متابعة