عملية "جدعون 2" الصهيونية.. استمرارٌ ممنهج لحرب الإبادة قتلاً وتجويعًا وتهجيرًا قسريًّا

المسيرة نت| خاص: مع ساعات الصباح الأولى لليوم الثلاثاء، أعلن جيش الاحتلال الصهيوني رسميًا بدء عملية "جدعون 2" في قلب مدينة غزة، تحت مظلةٍ دعم أمريكي مباشر، وربما بضوء أخضر عربي غربي، وسط عجز أممي.

وبرغم تبريرات العدوّ الصهيوني التي تتحدث عن "استهداف مواقع تابعة لحركة حماس"، وتنفيه قطعًا الأخيرة؛ تكشف الوقائع الميدانية أنّ العملية تحمل أبعادًا أعمق، أبرزها تهجير السكان وإحداث تغيير ديمغرافي واسع في المدينة المحاصرة.

رئيس وزراء الكيان المجرم بنيامين نتنياهو، عقب اجتماع أمني مطوّل في مقر وزارة الحرب بـ(تل أبيب)، صرّح بأن قواته "تعمل على إخضاع العدوّ"، وفي الوقت نفسه معترفًا أنها تعمل على إجبار "سكان مدينة غزة لإخلائها".

وأضاف أن المرحلة الحالية تشمل فتح مزيد من الطرق لتسريع عمليات الإجلاء، تمهيدًا لتوسيع العملية العسكرية، ويؤكد ذلك انتقال قواته إلى مرحلة حصار مداخل المدينة وتكثيف الضربات الجوية لإجبار المدنيين على النزوح قبل الدخول البري الكامل.

وتشير المعطيات الميدانية إلى أن جيش العدوّ بدأ تطويق المدينة من المداخل الرئيسة، مستخدمًا القصف الكثيف والحصار الغذائي وسيلةً لدفع السكان، البالغ تعدادهم مليون ومئتي ألف مواطن، ويتركز أكثر من نصفهم في مراكز إيواء وخيام النازحين في غرب المدينة، إلى الخروج.

وتؤكد التقديرات العسكرية الصهيونية أن العملية قد تمتد لأشهر، وربما حتى العام المقبل، في ظل عقبة رئيسة تواجه عصابات العدوّ الإجرامية، وهي وجود مئات آلاف المدنيين الذين يرفضون النزوح، يصر على تهجيرهم قبل هدم المدينة.

ويترافق التقدم العسكري مع خطاب صهيوني شديد التصعيد، وحربٍ نفسية واسعة؛ إذ هدّد وزير الحرب الصهيوني "كاتس" علنًا بـ"محو مدينة غزة من الوجود"، ملوحًا بتكرار سيناريوهات الدمار التي شهدتها أحياء "بيت حانون والشجاعية ومدينة رفح"، في واحدة من أقدم مدن العالم.

ووفقًا للمعلومات وتسريبات؛ ففي العملية الجديدة تشارك خمس فرق عسكرية صهيونية: "الفرقة 98 والفرقة 36 والفرقة 162 والتي تتقدم حاليًا نحو مداخل مدينة غزة".

فيما تأتي الفرقة 99، والتي قاتلت في حي الزيتون، بعد أن انتقلت إلى شمالي القطاع، كما ستواصل الفرقة 143 عملياتها في منطقة خان يونس جنوبًا، وهذا الانتشار يعكس خطة تطويق شاملة مع احتمالات تصعيد الهجمات خلال الساعات المقبلة.

وإلى جانب القصف المكثف، يفرض كيان العدوّ حصارًا خانقًا على الغذاء والإمدادات؛ ما يضاعف معاناة المدنيين، كما أنَّ عمليات هدم الأبراج السكنية بزعم "أهداف أمنية" تهدف عمليًا إلى تفريغ المدينة وإجبار السكان على النزوح الجماعي.

وتمثل عملية "جدعون 2" تمثل تحولًا خطيرًا في الاستراتيجية الإسرائيلية، من استهداف عسكري محدود إلى محاولة إعادة رسم الخريطة الديمغرافية لمدينة غزة بالقوة، ومع التهديدات المعلنة باستمرار القصف والحصار، تبقى المدينة على أعتاب كارثة إنسانية غير مسبوقة.

وفيما يناقش المجتمع الدولي ما إذا كان التصعيد سيتحول إلى احتلال شامل طويل الأمد؛ اكتفى الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيرتش" بالقول: "لا يمكن قبول ما يجري في غزة من الناحية الأخلاقية والسياسية والقانونية، سأبلغ المحكمة الجنائية الدولية بشأن فداحة الأوضاع في غزة والضفة الغربية".

وبينما نفذ جيش الاحتلال اليوم، عمليات نسف للمباني السكنية محيط بركة "الشيخ رضوان" شمالي مدينة غزة، وفجر روبوتات مفخخة في حي "تل الهوى"، واستهدف طيران الاحتلال المسير الطابق العلوي في مستشفى "الرنتيسي" للأطفال في حي النصر غربي مدينة غزة.

أفادت مصادر طبية بارتفاع حصيلة الشهداء إلى 106 شهداء بنيران وغارات العدوّ في القطاع منذ فجر اليوم، بينهم 91 بمدينة غزة والشمال، وباتت مدينة غزة تعيش ليالي من القصف العنيف، أبراج ومنازل سُويت بالأرض، آلاف العائلات نزحت قسريًا، والمستشفيات على وشك الانهيار وسط نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود.