• العنوان:
    ٣٠ نوفمبر: من استقلال الأمس إلى تحرير الغد.. اليمن بين احتلالَينِ
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في الثلاثين من نوفمبر من كُـلّ عام، تحتفل اليمن بذكرى جلاء آخر جندي بريطاني عن أرض الجنوب عام 1967، وهو يوم مجيد يمثل تتويجًا لنضال طويل وتضحيات جسام ضد الاستعمار القديم.. هذا اليوم ليس مُجَـرّد تاريخ يُحتفل به، بل هو رمز للإرادَة الوطنية التي لا تقهر، وتأكيد على أن اليمن لا تقبل الوصاية ولا ترضى بالاحتلال.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

رشا القفيلي

لكن، وبينما نستذكر فخر الاستقلال من القوة العظمى التي كانت لا تغيب عنها الشمس، نجد أنفسنا اليوم أمام تحدٍّ وجودي جديد: الاستعمار الحديث وأدواته في المنطقة.

إن ٣٠ نوفمبر يمثل اليوم عهدًا متجددًا بأن مسيرة التحرير لم تنتهِ، وأن اليمن ستتحرّر بإذن الله من كُـلّ أشكال الهيمنة الجديدة.

كان الاستعمار البريطاني للجنوب اليمني فصلًا مظلمًا من تاريخ البلاد، تميز بالتقسيم، ونهب الثروات، وتغييب الهُوية الوطنية.

لم يكن الاستقلال هدية، بل كان ثمرة لثورة الرابع عشر من أُكتوبر المجيدة، التي وحدت صفوف اليمنيين من مختلف الأطياف لمواجهة المحتلّ.

لقد أثبتت تلك المرحلة أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في وجه أية قوة خارجية.

الجيل الذي قاوم الاستعمار القديم ترك لنا إرثًا لا يُنسى: أن الأرض والعرض والسيادة لا تُباع ولا تُساوم.

هذا الإرث هو البوصلة التي يجب أن توجّـهنا اليوم في مواجهة التحديات الجديدة.

اليمن اليوم تواجه شكلًا جديدًا من الاستعمار، لا يأتي بالضرورة عبر الجيوش التقليدية، بل عبر أدوات ناعمة وخشنة تهدف إلى تفكيك الدولة والسيطرة على القرار الوطني.

الاستعمار الجديد يعمل على تغذية النزاعات الداخلية، وإحياء النعرات المناطقية والطائفية، وتمويل الميليشيات التي تعمل كأدوات لتنفيذ أجندات خارجية.

الهدف هو إبقاء اليمن ضعيفًا ومقسمًا، غير قادر على اتِّخاذ قرار سيادي موحد.

كما كان الاستعمار القديم يهدف للسيطرة على عدن والمضائق الحيوية، فَــإنَّ الاستعمار الجديد يسعى للسيطرة على الموانئ والجزر والموارد النفطية والغازية، لضمان تبعية القرار الاقتصادي اليمني للقوى الإقليمية والدولية.

يتمثل الاستعمار الجديد في محاولات فرض الوصاية السياسية على الحكومة اليمنية، وتوجيه قراراتها الخارجية والداخلية بما يخدم مصالح القوى المهيمنة؛ مما يفرغ السيادة الوطنية من محتواها الحقيقي.

إن الاحتفال بـ ٣٠ نوفمبر اليوم هو إعلان بأن اليمن لن تقبل أن تكون ساحة صراع أَو أدَاة في يد أحد.

التحرير من الاستعمار الجديد هو مهمة الجيل الحالي، وهي مهمة ممكنة بإذن الله.

الخطوة الأولى نحو التحرير هي تجاوز الخلافات الداخلية والتوحد تحت راية الدولة اليمنية الموحدة.

يجب أن تكون مصلحة اليمن العليا فوق كُـلّ المصالح الفئوية والمناطقية.

يجب على الشعب اليمني أن يكون واعيًا بأدوات الاستعمار الجديد، وأن يقاوم كُـلّ محاولات التفكيك والتبعية.

هذا يتطلب بناء مؤسّسات وطنية قوية وشفافة، قادرة على إدارة البلاد بعيدًا عن الإملاءات الخارجية.

التحرير الحقيقي يأتي من الاعتماد على الذات، وتفعيل الموارد الوطنية، وبناء اقتصاد قوي يقلّل من الحاجة إلى المساعدات والتدخلات الخارجية المشروطة.

خطابات القائد