إن التحديات الراهنة التي تواجهها الأُمَّــة تضعها في مفترق طرق تاريخي؛ فإما أن تستسلم للضغوط وتذوب في مشاريع الهيمنة، أَو أن تنتفض وتعود لتستعيد كرامتها وعزتها.

وفي خضم هذا المشهد، تبرز الحاجة الماسة إلى قيادة ربانية واعية، تدرك أبعاد المؤامرة، وتستلهم من كتاب الله وسنة نبيه منهاجًا للتحَرّك.

وإن غياب مثل هذه القيادة، أَو الابتعاد عنها، هو ما يجعل الأُمَّــة فريسة سهلة لأعدائها.

إن بصيرة الرؤية القرآنية التي حمل ركائزها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قد تبلورت في أحداث عالمية، وكشفت تجليات ومخطّطات العدوّ الصهيوني.

فما يجري ليس حدثًا معزولًا، بل هو جزء من مخطّطات العدوّ الإبليسي الذي يستهدف الأُمَّــة ويضعها في مفترق طرق تاريخي.

وفي هذا المنعطف المتأزم، الذي تُصاغ فيه التوازنات الإقليمية على صفيح ساخن، يشهد الإقليم تصعيدًا غير مسبوق من قِبل الكيان الصهيوني، الذي تجاوز كافة حدود العقل والمنطق في سعيه لفرض ذروة الاستباحة العدوانية على محيطه.

ورغم اتّفاقية وقف إطلاق النار في غزة وبين حزب الله وكيان الاحتلال، يواصل الاحتلال خروقاته واعتداءاته الجبانة على جوهرة العرب النفيسة، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وفي ظل صمت عربي مطبق ومخزٍ.

حتى جامعة الدول العربية غابت وتخلت عن نفسها، وعن الدور المنشود منها، وأقل واجباتها في التنديد والشجب والاستنكار.

وإن ما يحدث اليوم في سوريا من عدوان صهيوني إنما هو جزء من مخطّط إبليسي يستهدف الأُمَّــة، وهو شاهد على أن مشروع المقاومة يتسع ويتجذر، وأن النصر حليف من يرفع لواء الحق ويتمسك به، وأن مصير الأُمَّــة واحد، وبوصلتها واحدة، وهي القدس.

على امتداد التاريخ، كُـلّ طاغية ظن أن جبروته سيخلّد سلطانه، انتهى تحت وطأة ظلمه وسيف الحق.

تتعاقب الأمم وتتبدل الوجوه، لكن سُنّة الله لا تتبدل.

إن استراتيجية اليمن في البحر الأحمر لم تكن مُجَـرّد رد فعل عابر، بل هي ثمرة وعي عميق بأن معركة اليوم هي معركة الحق ضد الباطل، وأن نصرة المظلومين في غزة واجب ديني وإنساني لا يمكن التخلي عنه.

إنها غربلةٌ خافضةٌ رافعة، نحن قادمون عليها حتمًا وفق سنن الله في الحياة، فعلينا جميعًا أن نهتم بالإعداد والتهيؤ النفسي لها، لكي نكون بمستواها وبمستوى النهوض بها.

إن من أبرز ما يميز القيادة القرآنية هو قدرتها على تمكين الأُمَّــة وغرس روح العزة والإباء في نفوس أبنائها.

فالسيد القائد، بأقواله وأفعاله، يذكر الأُمَّــة بمسؤوليتها الشرعية بدلًا من التعويل على الوعود الزائفة للقوى المتآمرة.

هذا النهج، المستلهم من سير الأنبياء والأئمة الأطهار، هو الذي يمهد للنصر الإلهي؛ فالنصر ليس مُجَـرّد غلبة عسكرية، بل هو تحقّق للوعود القرآنية التي تؤكّـد أن العاقبة للمتقين.