ونشرت مجلة ذي إيكونوميست الغربية، تقريرًا تحليليًّا مطولاً حول مهمة حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" وذلك تزامناً مع مغادرتها البحر الأحمر، بعدما شهدت سلسلة من الضربات اليمنية الخطيرة، من بينها فقدان ثلاث مقاتلات من طراز إف إي 18، واصطدام مباشر مع سفينة تجارية، وانهيار في نظام الإيقاف الخاص بالطائرات؛ ما أدى إلى إقالة قائد الحاملة وفتح باب التحقيقات داخل البحرية الأمريكية.

ولفت التقرير إلى أنه وخلال وجود الحاملة قرب ميناء بورسعيد المصري في البحر المتوسط، اصطدمت بسفينة تجارية كبيرة، ما ألحق بها أضرارًا مادية وأجبرها على الرسو في قاعدة بحرية أمريكية لإجراء إصلاحات، وبسبب هذا الحادث، تمّت إقالة قائد السفينة، في خطوة فُسّرت على أنها تعبير عن مستوى الجدية الذي تتعامل به البحرية الأمريكية مع مثل هذه الإخفاقات، رغم شُحّ المعلومات الرسمية حول ملابسات الاصطدام.

وأشار التقرير إلى مزاعم واشنطن بشأن انزلاق طائرة مقاتلة من طراز إف إي 18 ومركبة جر إلى قعر البحر في إبريل المنصرم، أثناء تواجدها في البحر الأحمر، مبيناً أن طيارًا نجا بأعجوبة بعدما قفز من قمرة القيادة قبيل سقوط الطائرة بثوانٍ قليلة، حيثُ تشير المعلومات إلى أن الحاملة كانت تقوم بمناورة تفادي في تلك اللحظة بعد تعرضها لاستهداف مباشر من قبل قوات صنعاء.

وأضاف أنه وبعد أقل من أسبوع، تحطمت مقاتلة أخرى من الطراز نفسه وسقطت في البحر خلال محاولة هبوط على متن السفينة؛ نتيجة فشل نظام الكابل الخاص بإيقاف الطائرات في الإمساك بذيل الطائرة. وقد نجا الطياران بعد تنفيذ قذف طارئ، وتم انتشالهما لاحقًا بواسطة مروحية إنقاذ.

وترى المجلة أن ذلك أثار قلقًا كبيرًا بشأن الجاهزية التشغيلية للبحرية الأمريكية، والسلامة في البيئات البحرية القتالية، لا سيَّما أن كلّ طائرة من طراز إف إي 18 تكلّف عشرات الملايين من الدولارات، فيما تُقدّر قيمة الحاملة "ترمان" بنحو 6 مليارات دولار، وتُعدّ هذه الخسائر من بين الأضخم في مهمة واحدة خلال السنوات الأخيرة.

ونوهت المجلة إلى أن عمليات القوات المسلحة اليمنية وضعت طاقم "ترومان" تحت ضغط متواصل على مدى شهور، في ظل تصاعد الهجمات، وهو ما يجعل من مراجعة هذه المهمة أمرًا لا مفر منه في أروقة البنتاغون، ومن المتوقع أن تشرع البحرية الأمريكية، بعد عودة الحاملة إلى قاعدتها في نورفولك بولاية فيرجينيا، في إجراء مراجعة شاملة لمسار المهمة، والتحقيق في قرارات القيادة، وسلامة الأنظمة، وتقييم بروتوكولات السلامة المعتمدة.

وأفاد التقرير بأن مهمة الحاملة "ترومان" تحوّلت إلى حدث درامي كاشف للثغرات البنيوية في العمليات البحرية الأمريكية، مبيناً أن تداعياتها قد تتجاوز إطار الحاملة لتطال مفاهيم التدريب، والسلامة، والتقنيات المستخدمة في البحرية، وربما تفتح الباب نحو اعتماد متزايد على أنظمة غير مأهولة للحدّ من المخاطر البشرية والمادية في المهام المستقبلية.