وأعلنت الإدارة الأمريكية رسميًا تصنيف تنظيم "كارتل دلوس سولس" منظمة إرهابية أجنبية، حيث تتهم هذا الكارتل، الذي تقول إنّه يضم ضباطًا حاليين وسابقين في الجيش والأمن الفنزويلي، بالمشاركة في تسيير عمليات ضخمة لتهريب المخدرات نحو أمريكا الشمالية وأوروبا، وبالتعاون مع جماعات مسلحة في كولومبيا.

في سياق متصل، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأنّ واشنطن ستواصل "حملتها العسكرية" ضد شبكات تهريب المخدرات المتهمة بالعمل تحت حماية نظام نيكولاس مادورو، وعلقت على الوضع بالقول: "نعتبر نظام مادورو غير شرعي، وقد أبدى الرئيس ترامب رضاه التام عن الضربات الناجحة ضد إرهابيي المخدرات والإرهابيين الأجانب الذين يهربونها بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولن أتسامح مع ذلك، ومن المتوقع أن تستمر هذه الضربات".

في المقابل، رد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بقوة، مؤكداً فوزه في الانتخابات الرئاسية، ومعتبراً أنّ اتهامات واشنطن ليست إلا "أكاذيب وادعاءات سياسية" تهدف إلى تهيئة الأرضية لـ"عدوان جديد" على بلاده.

وظهر مادورو في خطابه الأسبوعي موجهاً رسالة تعبئة لأنصاره وللجيش، قائلاً: إنّ فنزويلا "لن تخضع للابتزاز"، مؤكداً أنهم "لن يستطيعوا مهما فعلوا، وأينما فعلوا، لن يتمكنوا من هزيمة فنزويلا، نحن لا نقهر، ولن يتمكنوا من هزيمة وطننا، ولن يفعلوا ذلك أبداً، سنصون ما نؤمن به، إنه حلم بوليفار".

ولا تعترف كاراكاس بوجود "كارتل دلوس سولس"، وتعتبره "تسمية تطلقها جهات أمريكية على ائتلاف مزعوم" من مسؤولين عسكريين ومدنيين رفيعي المستوى، وتصفه بأنّه "ادعاء سياسي"، كما تؤكّد أنّ الرئيس مادورو هو الرئيس الشرعي المنتخب ديمقراطياً من قبل الشعب الفنزويلي.

ودفعت هذه التطورات بوزارة الدفاع الفنزويلية إلى رفع حالة الجاهزية في الساعات الأخيرة ونشر وحدات الدفاع الجوي بالقرب من الساحل، رداً على ما وصفته بتحليق "استفزازي" لطائرات أمريكية قرب المجال الجوي الفنزويلي.

وترى كاراكاس أنّ هذه التحركات العسكرية الأمريكية، التي تستهدف مطاردة "زورق يهدد خطراً للولايات المتحدة"، هي "مشهد هوليوودي غير واقعي"، ولكنها تؤكد جهوزيتها للتصدي لأي تصعيد مفاجئ.

تزامن تصنيف ما يسمى الكارتل منظمة إرهابية مع استمرار الضربات الجوية والبحرية الأمريكية في إطار عملية تحمل اسم "الرمح الجنوبي"، التي تستهدف قوارب يشتبه في أنها تستخدم لتهريب المخدرات.

وقد شهدت المنطقة طلعات جوية استعراضية، بما في ذلك تنفيذ قذفة استراتيجية من طراز "بي 52" ترافقها مقاتلات من طراز "إف أيه 18"، في واحدة من أقرب الطلعات الجوية إلى السواحل الفنزويلية منذ سنوات، وتفسر هذه الطلعات، وفق محللين عسكريين، على أنها رسائل استعراض للقوة واختبار لجاهزية الدفاعات الفنزويلية دون اختراق المجال الجوي الرسمي.

على صعيد آخر، ألغت عدة شركات طيران دولية رحلاتها من وإلى فنزويلا، مشيرةً إلى مخاوف أمنية متزايدة، وقد ردت كاراكاس بتهديد الشركات التي توقف رحلاتها بسحب تراخيصها، بينما اعتبر الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن هذا الإجراء الفنزويلي سيزيد من عزلة البلاد ويعمق المخاطر على المدنيين.

وتتزايد المخاوف الآن من انزلاق الأزمة إلى سيناريو صدام مباشر، وسط تساؤلات مفتوحة حول ما إذا كان هذا التصعيد الأمريكي هو مجرد ضغط تكتيكي أم بداية لمرحلة جديدة تتجاوز الحرب على المخدرات نحو إعادة رسم النفوذ في أمريكا اللاتينية.