ويتجدد هذا المشهد الدموي يومًا بعد يوم، حيث فتحت الاعتداءات وغارات الطيران الصهيوني، فجر الأحد، صفحة جديدة من مسلسل الانتهاكات، بعدما استشهد 24 فلسطينيًا وجُرح 54آخرون، بينهم عدد كبير من الأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة. 

وتكشف الوقائع على الأرض أن هذه الغارات الجوية ليست سوى امتداد لنهج عدواني ثابت، سبق أن تكرر خلال الأسابيع الـ 43 الماضية من إعلان وقف العدوان، والذي سجّل أكثر من 400 خرق منذ يومه الأول.

وخلال ساعات الليل وصباح اليوم، وثّق ما يزيد عن  27 خرقًا، توزعت بين استهداف سيارات مدنية ومنازل وتجمعات سكانية، وعمليات اغتيال مباشرة وسط المدن المكتظة. 

وشهد حي الرمال وسط مدينة غزة الغارة الأكثر دموية، بعد استهداف طيران العدو الصهيوني سيارة لمواطنين فلسطينيين ما أدى إلى استشهاد 11 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 20 آخرين، بحسب المدير الإداري والمالي لمستشفى الشفاء رامي مهنا. 

وأكد مدير المستشفى محمد أبو سلمية أن غالبية الجرحى كانوا من الأطفال، كما أظهرت مشاهد الأطفال وهم يتحلقون حول السيارة المتفحمة التي تناثر سقفها في الشارع.

وفي خان يونس والنصيرات ودير البلح، كانت المشاهد متطابقة، منازل مدمرة فوق رؤوس ساكنيها، جثامين متناثرة، جرحى من النساء والأطفال، وغرف طوارئ مكتظة، و إحدى الغارات على مخيم النصيرات أسفرت عن سبعة شهداء بينهم طفل، وإصابة 16 آخرين، فيما استهدفت غارة أخرى في دير البلح ثلاثة أشخاص بينهم امرأة، وفق مستشفى الأقصى.

توسيع نطاق العدوان داخل "المناطق الإنسانية"

و لا يتوقف العدو عند حدود الخط الأصفر أو المنطقة الشرقية؛ فالغارات تجاوزت خطوط الاشتباك ووصلت إلى قلب المدن،  فحي النصر، وحي الرمال، حي التفاح، الشجاعية، الزيتون مناطق تُعد الأكثر اكتظاظًا، تتحول يوميًا إلى ساحات قتل وتدمير صهيوني مفتوح.

وبحسب مراسلة قناة المسيرة، في غزة، دعاء روقة، فإن الغارة التي استهدفت منزلًا لعائلة الخضري في حي النصر أدت إلى ارتقاء شهداء وإصابة آخرين، بينما تواصلت الاعتداءات في دير البلح وخان يونس، في تجسيد واضح لما بات الفلسطينيون يصفونه بـ "الاغتيالات اليومية تحت غطاء وقف العدوان".

وصباح اليوم، قامت طائرات الأباتشي بعملية إطلاق نار كثيف، واستهدافات عشوائية نحو المنازل المحاذية للخط الأصفر، إلى جانب تفجير وحدات سكنية متبقية في المنطقة الشرقية، ما يرفع مستوى الخطر على سكان الأحياء الملاصقة. وفق دعاء روقة.

وفيما يخص استحقاقات المرحلة الأولى من وقف العدوان لا يلتزم بها العدو حتى اليوم، حيث أن المساعدات الإنسانية لم تدخل بالكميات المطلوبة، والكميات القليلة التي سُمح بمرورها لا تلبّي الحد الأدنى من احتياجات أكثر من مليوني محاصر، كما أن المواد الخاصة بإقامة البيوت المتنقلة، والخيام، والكرفانات، والمعدات الثقيلة، لا تزال ممنوعة من الدخول.

الخطة الأمريكية غطاء سياسي لنهج السيطرة

وتتصاعد المخاوف كارثة إنسانية أكبر خصوصًا أن آلاف الأسر ما زالت بلا مأوى حقيقي، وقد أدت سياسة التجويع خلال الشهور الماضية إلى وفيات بسبب المجاعة وسوء التغذية، ولا تزال الكارثة مستمرة، مع اقتراب المنخفضات الجوية، ومع الأضرار التي لحقت بخيام النازحين مؤخرًا.

ما يجري في غزة اليوم تأكيد على أن العدو الإسرائيلي لا يؤمن إلا بمنطق القوة والقتل والتجويع، وأن ما يسمى “وقف العدوان” لم يكن يومًا ملزمًا له، وإنما ستار لتصعيد جديد وعدوان متواصل على قطاع غزة.