عندما نقول إن انهيار السعودية بات وشيكا نحن لا نقول ذلك تهكما بل نستند إلى وقائع وحقائق وسوابق حدثت بالفعل، فسياسات السعودية وولي عهدها الطموح محمد بن سلمان الذي استحوذ على السلطة وقيادة الجيش والقرار في السعودية، وخاض حربا عبثية طويلة في اليمن شبيه تماما بالأنظمة الديكتاتورية التي حكمت منذ خمسينات القرن الماضي.

هناك حدث مشترك في الأنظمة ذات الرأي الواحد وكان حجر الزاوية الذي قادها إلى السقوط والانهيار وهو خوض تلك الأنظمة لحروب عبثية طويلة استنزفت بلدانها وأنهكت الشعوب وكسرت هيبة الجيوش، فعلى سبيل المثال الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر زج بنصف الجيش المصري في حرب عبثية باليمن منذ عام ١٩٦٢ استمرت حتى سنة النكسة ٦٧ واجتياح العدو الصهيوني لسيناء.

وكذلك الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين خاض حربا طويلة لثمان سنوات مع إيران انتهت بمصيدة الكويت ومن ثم سنوات الحصار التي أنهكت الشعب العراقي إلى أن انتهى النظام باجتياح تحالف أمريكا للبلاد عام 2003.

الاتحاد السوفياتي هو الآخر خاض حربا ضروسا دون أفق منذ عام ٨٠ إلى ٨٩ في أفغانستان أفقدت الجيش السوفيتي هيبته وكانت المقدمة لانهيار الاتحاد السوفياتي عام ٩٠.

وحتى في اليمن شن النظام السابق ستة حروب على أنصار الله شمال اليمن كانت نهايتها انهياره مع ثورات الربيع العربي ٢٠١١، وكذلك خاض الرئيس الصومالي محمد سياد بري حربا ضد إثيوبيا انتهت بانهيار نظامه عام 91.

نأتي للسعودية وحربها على اليمن التي بدأت في مارس٢٠١٥ والتي سميت حينها بعاصفة الحزم وبعد أن طالت تم تسميتها بإعادة الأمل، مجرد مسميات لا تخفي حقيقة أن اليمن بات مستنقعا يستنزف السعودية ويفقدها هيبتها ومكانتها السياسية عالميا ويفقد الجيش السعودي بتسليحه المتطور جدا هيبته داخليا.

الحروب الحديثة هي حروب سريعة وخاطفة، والقاعدة تقول إن الجيش الذي لا يحقق نصرا ينسحب، لكن الأنظمة الديكتاتورية وخصوصا العربية وذات الرأي الواحد التي لها نظرة قائدها تصر على خوض غمار المعارك تلو المعارك حتى تنهك بلاده في حروب عبثية طويلة وغير مجدية تقود في النهاية إلى انهيار النظام برمته.

من الملاحظ كذلك أنه منذ تولي ولي العهد السعودية محمد بن سلمان منصبه استحوذ ووسع من سلطاته حتى بات يسيطر على كل مفاصل الدولة وأصبح الحاكم المطلق في البلاد مزيحا بذلك أجنحة الحكم التقليدية داخل أسرة آل سعود، وهكذا كانت الأنظمة الديكتاتورية التي عادت أقرب المقربين لها والذين بدورهم لم يكترثوا لمصير النظام بل ساهموا في انهياره.

تسببت سياسات بن سلمان العدائية في فقدان السعودية لتعاطف محيطها العربي بدأ من الجوار في اليمن وعمان وقطر والبحرين والعراق والأردن وانتهاء بباقي الشعوب العربية، وبالنسبة للأنظمة العربية التي تجامل النظام السعودي وتقيم علاقات معه من أجل الحصول على المال فذلك لا يخفي حقيقة أن الشعوب العربية باتت تضيق ذرعا من سياسات بن سلمان الذي بات يوصف بأبو منشار وبالقاتل كما شاهدناه خلال جولة بن سلمان العربية الأخيرة، أما الأنظمة العربية فإنها ستلبي وستنصاع لرغبات الراعي الأمريكي.

سيناريوهات مختلفة يطرحها المراقبون لنهاية السعودية أو"البقرة الحلوب" كما يحلو للرئيس الأمريكي ترامب تسميتها والتي توعدها بالذبح، وفيما يبدو أن قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول ترجح أن سيناريو لوكربي مع ليبيا القذافي هو الأقرب للتنفيذ مع السعودية.

مجلس إدارة العلاقات الخارجية الأمريكية أكد أن انهيار السعودية مسألة وقت مشيرا إلى أن العام 2023 كحد أقصى سيكون عام الانهيار بحسب دراساته وتقاريره عن الوضع السعودي داخليا وخارجيا، لكن تصرفات الأمير بن سلمان ستسرع الانهيار وقد لا تصمد السعودية أشهرا وليس سنوات.