وبحسب بايمان فَــإنَّ التقارير تتحدث بأن الرئيس الأمريكي ترامب وافق على خطط عسكرية لمهاجمة إيران، لكنه أمهل نفسه أسبوعين لاتِّخاذ قرار نهائي.. قال ترامب: "قد أفعل ذلك، وقد لا أفعله"، مع دخول الحرب من أسبوعها الثاني.

يشير بايمان إلى المخاطر التي قد تلحق بالموظفين الأمريكيين وأهداف السياسة الخارجية الأُخرى في حال خوض أمريكا هذه المخاطرة، ويعتبر أن تلك المخاطر كبيرة، ويجب على الولايات المتحدة أن تكون على دراية تامة بالتكاليف المحتملة.

ويقول إن هناك أربعة أسئلة ينبغي لترامب أن يطرحها على نفسِه لتحديد ما إذَا كان التدخلُ العسكري ضد إيران خطوةً ذكيةً من جانب الولايات المتحدة.

ما هو هدف العملية الأمريكية؟

يقول بايمان: "يمكن للولايات المتحدة مهاجمة إيران بأهداف سرية ومحدودة، أَو السعي وراء أهداف أوسع. الهدف الأكثر وضوحًا وأهميّة على المدى القصير هو تدمير البرنامج النووي الإيراني، أَو على الأقل إعاقته بشكل كبير.

أما الهدفُ الأوسعُ والمتعلِّقُ بمحاولة تغيير النظام؛ فمن الصعب على القوى الخارجية تحقيق ذلك، خَاصَّةً دون غزوٍ مباشرٍ بأعدادٍ كبيرة من القوات البرية، وغالبًا ما يأتي هذا الخيار بنتائجَ عكسية".

وفي العموم يرى الباحث الأمريكي أن تكلفة الحرب، واحتمالات فقدان الأرواح والأمل في أن تُعزز زيادة الموارد نجاح المهمة، كلها عوامل تُشجِّعُ على زيادة المخاطر.

كيف سترد إيران؟

إذا قصفت الولايات المتحدة إيران وانضمت إلى العدوان علنًا؛ فمن المرجح أن ترد إيران بمحاولة قتل أمريكيين. وقد هدّد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي الخامنئي، بـ "ضرر لا يمكن إصلاحُه" إذَا هاجمت الولايات المتحدة.

 ورغم احترام إيران العميق للقوة العسكرية الأمريكية -كما يقولُ بايمان-، إلا أنه سيكون من الصعبِ على أي نظام أن يسكُتَ وهو يتعرض للقصف، ويزداد الأمر صعوبة على إيران، التي لطالما جعلت معادَاة أمريكا جُزءًا أَسَاسيًّا من شرعيتها.

ومن المرجح وقوعُ هجمات على أمريكا في العراق إذَا تعرضت إيران لقصفٍ أمريكي مباشر، وكذلك هجمات على منشآت وأفراد أمريكيين في أماكنَ أُخرى من المنطقة، وقد تهاجم إيران أَيْـضًا حلفاءَ الولايات المتحدة في المنطقة، خَاصَّةً إذَا وفّروا قواعدَ وتسهيلاتٍ للقوات الأمريكية التي تهاجم إيران.

ويشير إلى أن محور المقاومة يتوارى عن الأنظار في الوقت الراهن، على وجه الخصوص. وبالمثل، من المعقول، أن تهاجمَ إيران تدفُّقَ النفط من الخليج العربي؛ مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.

ما هي العواقبُ طويلة الأمد؟

هناك خطر أكبر يتمثل في الاندفاع نحو الانتشار النووي، وقد تُضاعِفُ إيران جهودها في مجال التسلُّح، وتنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وتُطوِّر برنامجًا نوويًّا سريًّا بعيدًا عن التزامات الحدِّ من التسلح وعمليات التفتيش الدولية، وقد يكون من الصعب التأكّـدُ من تتبع جميع أنشطة التسلح.

 وَإذَا ما حصل ذلك قد تخوضُ الولايات المتحدة حربًا أُخرى في المستقبل لوقف البرنامج أَو إعاقته، ولكن لا أحد يعلمُ ما إذَا كانت الظروفُ السياسية والدبلوماسية ستكون مواتيةً.

ما هي تكاليفُ الفرصة؟

لا يقتصرُ تأثيرُ التدخُّل العسكري الأمريكي على منطقتنا فحسب؛ فرغم أن ترامب أعطى الأولويةَ لمواجهة الصين، إلا أنه يُحوّل الأصول العسكرية من آسيا إلى الشرق الأوسط، وتُستنزف الذخائر النادرة، بل والموارد الأندر على الإطلاق - وفق كبار المسؤولين - في هذه الأزمة، في وقتٍ يُريد فيه صقور الصين أن تُغادر الولايات المتحدة المنطقةَ إلى حَــدٍّ كبير للتركيز على "تايوان" وبحر الصين الجنوبي وغيرها من النقاط الساخنة في آسيا، وبالمثل، اختفت الحربُ الروسية الأوكرانية من عناوين الأخبار، ومن المرجح أن تتعثَّرَ مساعي ترامب للمفاوضات هناك أكثرَ فأكثر.

من الصعب تقدير تكاليف الفرص الأُخرى، لكنها لا تزالُ حقيقية.

ويضيف بايمان في تحليله لتداعيات دخول أمريكا الحرب على إيران "الحرب مكلفة: فقد كلَّفَ التدخلُ الأمريكي ضد اليمن أكثرَ من مليار دولار (وهو رقمٌ أقلُّ من التكلفة الحقيقية). وستكون العملية الإيرانية أوسَعَ نطاقًا وأكثرَ تكلفةً بكثير، حَيثُ ستلجأ الولاياتُ المتحدة إلى طلب الدعم من حلفائها، وستُكرِّسُ وقتَها ومواردَها للتدخل ضد إيران؛ مما ينطوي حتمًا على تنازلات في قضايا سياسية أُخرى.

وبعد هذا الطرح للأربعة التساؤلات -وفق تصور الكاتب الأمريكي- يخلص إلى أن من المهم أن يفهم الكونجرس الأمريكي والجمهور المتطلباتِ المالية والصناعية والبشرية التي ستفرضُها أية حملة على إيران في عصر يشهدُ تنافُسًا على الميزانيات وتقييدًا في إنتاج الذخائر.

 باختصار، لن يعتمد النجاحُ على انفجاراتِ الليلة الأولى، بل على التفكير في الأهداف طويلة المدى وتوقُّع المخاطر وإدارتها.